التربية تضرب حلقات التزوير والمدارس الخاصة لأطفال التوحُّد

منذ 1 أسبوع 6 يوم 32 د 39 ث / الكاتب houssein choker

يكاد لا يمر يوم في لبنان إلاَ ونكون أمام حلقة من عمليات فساد، وتزوير على كل المستويات، آخرها ما ظهر وما كشفته المديرية العامة لوزارة التربية، هو الشهادات والمدارس الخاصة لتعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والتوحد، أو التعليم والعمل كمحلل سلوكي، وهي ظاهرة خطيرة بدأت تتفشَّى في لبنان، جراء بيع شهادات لا قيمة لها، وغير  مسجلة لدى وزارة التربية، ولا يمكن الركون إليها كمرجع تربوي، إلاّ َمن خلال المعاهد والمنصَّات في الولايات المتحدة الأميركية، التي تعطي هذه الشهادات حصراً بعد التسجيل والمتابعة، وإجراء الإمتحانات الصعبة، لنيل هكذا شهادات، والتي مصدرها الحصري أميركا، وتعرف بــ”BCBA” و “QABA”..

المدارس التي تُعنى بشؤون تعليم الأطفال الخاصة بالتوحُّد، لا يمكن لها أن تفتح وتمارس أعمالها قبل الحصول على إمتياز وشهادات لمحللين سلوكيين، صادرة عن الولايات المتحدة حصراً حول العالم، كما يجب أن تكون هذه الشهادات مسجَّلة لديهم في منصة أو “BOORD”، فهذه الظاهرة في عمليات الفساد والتزوير، بدأت تطال هذا القطاع التعليمي الحساس، لأنه يتعلق بتربية أطفال التوحد، وهي قضية وطنية بإمتياز، حيث يجب أن فيها محلل سلوكي مختص، وبإشراف ممرضة متابعة للحالة، علماً أن الحاصلين على شهادات في التحليل السلوكي BA و BA , و QBA ، هم قلة قليلة في لبنان لا يتجاوز تعدادهم العشرة أخصائيين.

لكن الحاصل هنا

في قضية حساسة تتعلق بالتحليل والتطبيب من أجل الحصول على شهادات حقيقية، كون القضية هي أن يكون هناك مشرف عام، ومحلل سلوكي حائز على شهادات من مرجعها الأصلي، كي لا يتسبَّب بأذى للأطفال، فتطبيق العمل أو ما يسمى بــ ABA يعمل به كيفما كان، من دون ترخيص أو معايير لشهادات الــ QBA، أو مشرفين محترفين، وأغلب هذه المدارس الخاصة تقع في بيروت وجبل لبنان، وتعمل بكلفة مالية عالية جداً تتراوح بـ 30 دولار للساعة الواحدة لكل تعليم طفل توحد.

فالمشكلة للأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة والتوحد، أنه يلزمه معلم “ظل” مع الطفل في صف خاص للإحتياجات، ويسمى مدرسة “دمج”، ويبقى معلم الظل مرافق للطفل من البيت إلى المدرسة وإلى البيت، وهو ما لا يعمل به، وهذه مشكلة أخرى معقدة لقبول الطفل، غير أن الدمج غير موجود أصلاً، حيث أنه بالقانون اللبناني، فإن أستاذ “الظل” يجب أن يكون إسمه موجود في الوزارة، فجلب إستاذ الظل على عاتق الأهل يكون بطلب من المدرسة، وهذه عملية معقدة كثيراً، إذ أن مريض التوحد يرافقه علاج النطق والإنشغالي، والعلاج السلوكي (ABA).

فيما يزداد عدد أطفال التوحد كل عام 1/36 شخص، وهي مهمة تقع على عاتق ثلاث وزارات، هي التربية والصحة والشؤون الإجتماعية، في حين برزت ظاهرة جديدة_قديمة على مسرح التعليم، وصارت تتفشى كالوباء، وهي ضرورة الحصول على شهادات للأخصائي، ومزاولة مهنة من وزارة الصحة، كشهادات من الجامعة اللبنانية (نطق-حسي جزئي-إنشغالي). فالعلاج السلوكي فيه تراتبية، ويلزمها شهادات عليا، وهو أمر غير متوفر. ولذلك تنبَّه مدير عام وزارة التربية للأمر، وبادر مسرعاَ إلى إصدار تعميم يحمل الرقم 3 في تاريخ 17/1/2023، حول ضرورة إيداع المدارس الخاصة التي تتضمَّن فرعاً للإحتياجات الخاصة والصعوبات التعليمية مصلحة التعليم الخاص، بيانات ومعلومات تتعلق بهذا الفرع التعليمي، وبعدم فتح فرع للصعوبات التعلمية الخاصة، قبل صدور قرار الترخيص، وأيضاً بضرورة إيداع المدارس الموكلة بالتعلم الخاص، وإعطاء مصلحة التعليم الخاص بالوزارة المستندات والبيانات والمعلومات، لا سيما حملة الشهادات ومهام لإخصائيين ومدرسي الظل.

وبناء عليه

ونتيجة عدم الإلتزام، وتفشي الظاهرة غير المسؤولة، عملت مديرية التربية على مداهمة عدة مدارس في بيروت وجبل لبنان، كان آخرها في منطقة الغبيري (المدرسة العلمية الحديثة)، حيث تتواجد مدرسة لأطفال التوحد لا تنطبق عليها المواصفات القانونية، ولا التراخيص اللازمة، ولا شهادات التحليل السلوكي، كما تعمل الوزارة ومن أجل ضبط هذه المخالفات على مراسلة الـ BOORD في أميركا، للتأكد من صحة البيانات والشهادات، ليُصار الى إقفال المدارس غير المشروعة، وإحالة أصحابها إلى القضاء المختص، علماً أن بعض الجهات النافذة والأحزاب، تعمل على التدخل لتغطية هذه المخالفات الجسيمة.

كما تمَّ الكشف الذي أجريناه مؤخراً، وتبين لنا كذلك من خلال التحقيق، أنه في مدرسة الغبيري تقوم المدعوة ( ز.ط) بإرسال شباب وفتيات كمكاتب خدم، بمبلغ 1000 دولار شهرياً، حاملين معهم شهادات التحليل السلوكي المزورة، دون تسجيل في أميركا عبر الــ BOARD و ABA. كما تبين لاحقاً أن المدعوة (ف.ق.) تعطي شهادات مزورة في الـ ABA. في التحليل السلوكي لمعالجين من دون وجه حق، أو تسجيل في الوزارة، وتعطي شهادات غب الطلب غير قانونية، وهذا ما يسمى بتجارة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة والتوحد، وإعطاء شهادات “سوبر فايزر” تتعلق بهذه المهام….